وماس باور مستشرق ألماني متخصص في العلوم العربية والإسلامية. نشر حوالي (50 بحثًا) متنوعًا في مجالي التاريخ والأدب. وتُعد أطروحته المعروضة هنا من أهم كتاباته الفكرية. نشرها في برلين سنة (2011 م). تُناقش الأطروحة وجود تعدد القراءات الثقافي والتسامح معه في الحضارة الإسلامية قبل العصر الحديث، مُقارنًا بوجوده في الحضارة الغربية والعالـم الإسلامي المعاصر. وهي تستهدف الكشف عن مدى توافر هذا التعدد والتسامح معه ونسبته فيهما، والكشف عن إشكالاته وتحولاته في ظل العلاقات المعقدة بين العالمين الإسلامي والغربي. خلص باور إلى أنَّ التسامح مع تعدد القراءات كان قويًّا في (الإسلام الكلاسيكي)، ثم صار ضعيفًا في (الإسلام المعاصر)؛ لأنَّ الأخير تَبنَّى الرؤى الغربية ذات البعد الواحد والنظرة غير المتسامحة مع التعدد منذ منتصف القرن 19. ويقصد باور بالتعدد تعدد المعنى وتنوعه، وكل ما يبدو التباسًا أو تناقضًا ويحيا متجاورًا في الإسلام والمجتمع الإسلامي مع الرِّضا به. وقد استند في معالجته إلى مادة وافرة استقاها من العلوم الإسلامية والعلوم العربية وآدابها وقرأها قراءة تحليلية موضوعية إلى حدٍّ كبير. إنَّ مزية هذه الدراسة أنَّها تغاير نمط الدراسات الاستشراقية الاستعلائية التي تكتنفها الجهالات والأغلاط، وذلك لحرصها الدؤوب على تجاوز المركزية الأوربية ذات الشغف بالهيمنة، وادِّعاء الحق بالعالمية، وهي دراسة تتنامى بعض جوانبها في سياق نقد الاستشراق الأورُوبي كما عُهد عند إدوارد سعيد، وجوزيف مَسعد، وأضرابهما. وفيما يلي عرض موجز للدراسة بفصولها العشرة، ثم تعقيب عام عليها.
|